يعبّر الفنان لقمان أحمد عن أسفه بشأن هذه الطريقة في "السطو الفني"، وذكر في منشوره الفيسبوكي: "الأصدقاء الأعزاء: أحب أن أشاركم بعضاً من رسومات رسام مقيم في تركيا اسمه محمد يوجل (mehmet yücel)، يقوم ينسخ لوحاتي وإنتاجي الفني بشكل كامل تقريباً من دون ذكر اسمي أو مصدر الاقتباس..هل هذه سرقة فنية ..ما رأيكم؟"

وأرفق لقمان أحمد صورة مجموعة من اللوحات المنسوخة عن الأصلية في المنشور قائلاً: "طبعاً هذه بعض من النماذج التي حصلت عليها مرفقة ببعض من لوحاتي الأصلية".  

نماذج من التعليقات على المنشور

الصورة التي أرفقها الفنان لقمان أحمد عن اللوحات الأصلية في الأسفل واللوحات المنسوخة في  الأعلى

أثار إعلانه هذا تفاعلأً كبيراً على صفحته في فيسبوك، خاصة أنه عرض اللوحات للمقارنة، فعبّر العديد من الإعلاميين والشعراء والمتابعين لأعمال لقمان أحمد عن تضامنهم مع لقمان، نورد بعض التعليقات:

الشاعر فيصل القادري علق: "سرقات فنية بامتياز .. ولكن هل من المعقول أن يشرح لأحد تفاصيل اللوحة.. أكيد لن يعرف.. ويحق لك صديقي العزيز أن تقيم ضده دعوى في المحكمة".

وأيضاً علق أحد المتابعين يدعى حسن عبدو قائلاً: "أغلب الفنانين يتعلمون من بعض، إلى أن يجدوا لأنفسهم طريقهم وأسلوبهم. أنت من الفنانين المحظوظين أخي لقمان، لأن هناك فنان آخر يمشي على أسلوبك وطريقتك ولكن بريشته وتقنيته".

وعلقت (ر-كوين نوريا) بالقول: "الأمر حقاً معقد، لأن ما عرضته أعلاه لا يمكن إسقاطه فقط في خانة التأثر الفني بلوحاتك بشكل واضح جداً، إن من حيث التأليف أو من حيث الألوان، لأن هذا الأمر بعينه حدث مع العديد من كبار الرساميين مثل غوغان وفان كوغ، براك وبيكاسو وغيرهم وغيرهم... وبالعودة لتقليد العمل الفني لا يمكن حسم أسبابه دوماً إن كانت حقاً نتاج تأثر غير واعٍ، أو تقليد واعٍ. إلا أنه ومن المؤكد وبكل الأحوال والمنطق وغير المنطق لا يمكننا إلحاق فعل (السرقة) كتسمية لذلك الفعل!".

مشروع لقمان أحمد الفني

تواصلنا مع الفنان التشكيلي لقمان أحمد بشأن كيفية الكشف عمّا وصفه بـ"السرقة الفنية"، وكيف وصل الأمر به إلى الإعلان عبر فيسبوك، يقول: "بداية أود القول أنني  لا أعرف هذا الشخص، محمد يوجل. منذ فترة أرسل لي طلب صداقة مع تحياته على تطبيق الانستغرام، وعندما شاهدت صفحته، أدركت أنه أخذ بعض الأعمال من عندي، وقد غيّر فيها بعض الشيء".

ويضيف: "لم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد لاحظت بعد فترة أنه أقام معرضاً فنياً على الإنترنت، لكن كل الأعمال المعروضة في المعرض تقريباً من أعمالي. اعتقدت بداية أنه قد ذكر اسمي، أو أشار إلي في تأثره بمواضيع لوحاتي، لكن للأسف لم يذكر اسمي بتاتاً".

ويقول لقمان أحمد: "من هنا حاولت التواصل معه، لأستفسر عن الأمر، لكنني تلقيت رداً سلبياً منه مفاده أنه لا يعرف شيئاً عن الثقافة الكردية أو الكرد، كما اتهمني بأنني شخص حاسد وفارغ. بناء على هذا الرد، نشرت منشوراً على صفحتي في فيسبوك، لأترك أمر مقارنة اللوحات للأصدقاء والمتابعين، كما كلّفت محامية بتركيا لمتابعة هذه القضية وفي واشنطن أيضاً سأتابع الأمر".

ويذكر أنه: "يمكن مقارنة اللوحات وكيفة سرقته للأشكال و الألوان. مشروعي قديم جداً. منذ 2001 بدأت بالعمل على رسم التراث الكردي الشفاهي، والأغاني الكردية القديمة. مشروعي الفني  يقتصر على بناء فكرة فنية معاصرة للثقافة الكردية وخاصة الشفاهية".

ويشير لقمان أحمد إلى أنه "كي لا يظهر الأمر وكأنه افتراء من جانبي. لوحاتي مؤرخة بشكل واضح، فمثلأً هناك لوحات من 2015، أما الكثير من لوحاته غير مؤرخة، وفي الحقيقة، لم أتحدّث  بما يسيء إليه كشخص، لكن ما يزعج في الأمر هو عدم تقدير العمل الفني، وعدم احترام عمل الآخرين، لكن محمد يوجل ردّ علي بطريقة سيئة، وعلى الأصدقاء الذين تواصلوا معه".

ويبيّن لقمان أحمد أنه أراد من منشوره أيضاً إثارة مسألة السطو على أعمال الآخرين، ورسالتي هي ضرورة وضع حد لهكذا ممارسات في الوسط الفني، وكي لا يقدم فنانون آخرون على اللصوصية الفكرية والفنية التي تقلل من قيمة الفن والفنانين".

ويجدر الذكر أن التشكيلي لقمان أحمد من مواليد مدينة الدرباسية 1972، درس و ونشأ في مدينة الحسكة، بدأت موهبة الرسم لديه منذ طفولته، وعمل على مشروعه الفني خلال إقامته في سوريا، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة في 2010. أقام العديد من المعارض في سوريا، كردستان العراق، تركيا، سويسرا، لبنان، أمريكا، ألمانيا. منذ 2015 يعمل في إذاعة صوت أميركا، حيث يقدّم برنامجاً إذاعياً بعنوان "دنك و رنك" (Deng û Reng)، وبرنامجاً تلفزيزنياً بعنوان "حفت رنك" (Heft Reng).

رابط حساب الفنان لقمان أحمد على انستغرام

https://www.instagram.com/lukmanahmadart/

نماذج من أعمال الفنان لقمان أحمد

ردّ محمد يوجل على منشور لقمان أحمد

وللتحقق من هذه القضية، تواصلنا مع الفنان التشكيلي محمد يوجل، المقيم في أورفا، فكان ردّه على قضية "السرقة الفنية" من طرف التشكيلي لقمان أحمد، وفق ترجمة محمد دريعي (طالب في كلية الإعلام بجامعة الفرات في مدينة إلازغ التركية) التالي: "أي أعمال قد نسختها من لقمان أحمد؟ وصلتني الكثير من الرسائل السلبية بخصوص هذا الموضوع. مؤخراً صادفت حساب لقمان أحمد على انستغرام وتابع كل منا الآخر. وبعدها بدأت تصلني الرسائل. واتضح لي أن لقمان أحمد يدّعي بأنني قمت بسرقة الملكية الفكرية للوحاته".

ويتابع يوجل:  "لدي مئات الأعمال بنفس التدرج اللوني. بوضعيات مشابهة. لأنني أرسم لوحاتي على شكل سلسلة. بتعبير أدق أضع قصص منطقة ميزوبوتاميا  (بلاد ما بين النهرين) التي أعيش فيها بألوانها، لباسها، ألعابها، ومعتقداتها. ميزوبوتاميا منطقة متنوعة وبنفس الوقت ذو طبيعة قاسية. إذ يمكنك التعبير عن الكثير من الأشياء عنها على شكل لوحات. فأحياناً ما لا يمكنك قوله بلسانك بمكنك التعبير عنه كلوحات وأعمال فنية وسيفهمها الذين يعلمون فقط".

ويشير يوجل إلى أن  لقمان قد اختار خمس لوحات من مئات اللوحات لدي، ويدعي أنّه صاحب الملكية الفكرية لها. أطلب منكم أن تبحثوا في هذا الأمر. مضمون اللوحات والتكوين وحتى الألوان غير متشابهة. فقط هنالك بعض التشابه في القليل من العناصر والتشكيلات التي تم استخدامها".

ويوضّح: "بالله عليكم! الشخص الذي يعيش في ميزوبوتاميا يعرف جيداً عن معتقدات وتفاصيل المنطقة، وسيعرف بشكل أفضل إن كان منخرطاً في المجال الفني.  لدي عن هذا الموضوع مسودات ودراسات ومقالات دكتوراه. منذ عام 2010 وأنا أستخدم منطقة وعادات ميزوبوتاميا موضوعاً رئيسياً في أعمالي. أنا قارئ للكثير من القصص المحلية مثل (عبدالي زيني، درويشي عفدي، سامند وخجي، مم وزين) ( Ewdale Zeynıke, Dewreşe Ewdi, Siyabendu Xece, mem-u zin)".

ويضيف يوجل: "ميزوبوتاميا هي قدري وحياتي ومصدر إلهامي.  تحققوا من القصص التي قلتها، فلوحاتي تحتوي على تنوع من رموز الإيمان والزخارف وبشكل عام تتكون من تركيبات متشابكة. اللوحات التي يدعي لقمان أنها له كنت قد نسيتها حتى، فهي تعود الى عام 2010-2011. وهو تسلل إلى صفحتي واختار من بين مئات الأعمال هذه اللوحات، ويقول أنها تعود له.  يمكنني أن أشرح وأتكلم عن قصص هذه اللوحات كلها لك. وأيضاً يقوم لقمان بأخد إحدى الصور من صفحتي ويستعملها بشكل عنصري. يجب على الفنان ألا يكون عنصرياً، وخصوصاً إن كان من ميزوبوتاميا".

ويختم كلامه بالقول: "أرجو منكم مشاهدة معرض لوحاتي، وأن تقولوا لي أي عمل من أعمالي به ارتباط بلقمان. أنتظر قراركم. أنت أول شخص أشاركه أفكاري. أتلقى عدداً لايحصى من الاتهامات. أرجو منكم نشر أجوبتكم وإرسالها لي. ولايجب على شخصين يعيشان نفس القدر في ميزوبوتاميا التعامل بهذا الشكل".

ويجدر الذكر أن الفنان التشكيلي محمد يوجل يحمل شهادة دكتوراه في الفنون من جامعة أتاتورك (2019)، وشهادة الماجستير في الفنون التشكيلية من جامعة دجلة في دياربكر (2015-2018)، وإجازة في الفنون الجميلة من جامعة غازي بأنقرة (1997-2001). بدأ حياته المهنية كمدرّس للفنون البصرية في عام 2001. وهو من مواليد أورفا ١٩٧٨، يزاول حالياً مهنة التدريس في ثانوية بديح للفنون الجميلة في مدينة أورفا بتركيا.

رابط لحساب الفنان التشكيلي محمد يوجل على انستغرام

https://www.instagram.com/m.yucel6363/

نماذج من أعمال الفنان محمد يوجل

عن الملكية الفكرية

بحثنا عن تعريف الملكية الفكرية في موقع "المنظمة العالمية للملكية الفكرية" التي تتخذ من جنيف  في سويسرا مقراً لها، وهي منظمة دولية تابعة للأمم المتحدة، تعمل من أجل تعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية، تقول المنظمة في التعريف: "تشير الملكية الفكرية إلى إبداعات العقل من اختراعات ومصنفات أدبية وفنية وتصاميم وشعارات وأسماء وصور مستخدمة في التجارة. والملكية الفكرية محمية قانوناً بحقوق منها مثلاً البراءات وحق المؤلف والعلامات التجارية التي تمكّن الأشخاص من كسب الاعتراف أو فائدة مالية من ابتكارهم أو اختراعهم. ويرمي نظام الملكية الفكرية، من خلال إرساء توازن سليم بين مصالح المبتكرين ومصالح الجمهور العام، إلى إتاحة بيئة تساعد على ازدهار الإبداع والابتكار".

وتعرّف المنظمة "حق المؤلف" بالقول: "حق المؤلف مصطلح قانوني يصف الحقوق الممنوحة للمبدعين فيما يخص مصنفاتهم الأدبية والفنية. ويغطي حق المؤلف طائفة مصنفات واسعة، من الكتب والموسيقى واللوحات الزيتية والمنحوتات والأفلام إلى البرامج الحاسوبية وقواعد البيانات والإعلانات والخرائط الجغرافية والرسوم التقنية".

وفي سياق الملكية الفكرية، علّق الفنان علي هادي، المقيم في فرنسا، على "السرقة الفنية" وفق القانون الفرنسي على منشور الفنان لقمان أحمد بقوله:

"السرقة في فن الرسم لا يحاسب عليه القانون. القانون (في أوربا بشكل أساسي) يحاسب على سرقة ما هو مسجل رسمياً كحقوق تأليف لبعض التصاميم الغرافيكية واللوغو التجاري أو شخصيات ومفاهيم بصرية كارتونية مصورة؛ أي تلك التي ممكن تكثيرها عبر الطبع لأغراض تجارية، أما اللوحة الفنية المعمولة يدوياً، يصعب تجريمها بتهمة السرقة، وذلك يحتاج أيضاً إلى توثيق، على ورق يعني "كاتالوج"، وليس موقع إنترنت لإثبات التاريخ، هذه من جهة ومن جهة أخرى يجب إثبات أن المقتبس أو السارق قد استفاد مادياً من هذا التقليد، أما إذا كان من باب الإعجاب أو التعلم فهو مشروع. فمثلاً كل عمل مر عليه أكثر من سبعين سنة يمكن تقليده على شكل كوبي (نسخ) بشرط أن يكون فارق الحجم ثلاثون بالمئة على الأقل. هذا في القانون الفرنسي بصدد حقوق التأليف للفانين والأدباء. أما بالنسبة للعلماء فهناك براءات الاختراع".

وعلق الفنان حسن خليل "سورو" المقيم في بلجيكا أيضاً قائلاً: "تستطيع حماية اسمك الفني فقط بعد دفع ٦٠٠ € لعشر سنوات هنا (بلجيكا) أما اللوحات الفنية أو الرسومات لا أحد يستطع حمايتها إلا في حال النسخ  100 %".

تساؤلات

ظهرت من التعليقات على المنشور مطالبات برفع دعوى ضده في المحكمة، ولكن نقف هنا أمام مجموعة أسئلة أيضاً:

كيف يتم تقديم هذا الشكل من الدعوات خاصة أن الفنان لقمان أحمد يقيم في الولايات المتحدة والفنان محمد يوجل يقيم في تركيا؟ ما هي الجهة التي تقيّم وتقدّر نسبة التشابه؟

وكيف يتم التعويض في حال إثبات السرقة أو في حال عدم أحقية توجيه الاتهام بالسرقة؟ وكيف يمكن الحد من السطو الفني والفكري على أعمال الآخرين؟

وكيف يمكن معاقبة اللصوص الفكريين في دول شرق أوسطية تشهد لصوصية على أعلى المستويات؟

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).